الفساد والفاسدين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الفساد والفاسدين

فساد إداري ومالي يحدث ولا هناك من يتحرك
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تابع لمقدمة عن الفساد ( الجزء الثاني )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
آل جهينة
دافع الهم عن الناس
دافع الهم عن الناس
آل جهينة


عدد الرسائل : 65
العمر : 58
تاريخ التسجيل : 22/09/2007

تابع لمقدمة عن الفساد ( الجزء الثاني ) Empty
مُساهمةموضوع: تابع لمقدمة عن الفساد ( الجزء الثاني )   تابع لمقدمة عن الفساد ( الجزء الثاني ) Icon_minitime07.03.08 23:41

***



ثامناً- خطة أولى سريعة لمعالجة الفساد الضارب في مجتمعاتنا ومؤسساتنا :

يمكن الإشارة إلى النقاط المهمة التالية المطبقة بشكل صحيح في كثير من الدول، حيث كانت لها نتائج ميدانية كبيرة على مستوى نوعية العمل والإنتاج ومكافحة الفساد:

1. معاقبة بعض كبار المخالفين واللصوص والمفسدين المحترفين. وغالباً ما تكون إحدى أهم الاستراتيجيات الناجحة التي تقوم بها أية دولة على هذا الصعيد هو: (قلي قليل من السمك الكبير) ، فعندما تكون هناك مشاركة كبيرة في أعمال الفساد مع الإفلات من العقاب يكون الحل الوحيد هو إدانة ومعاقبة عدد من كبار الشخصيات الفاسدة، ويبقى للحكومة أن تكشف وبسرعة عن بعض المتهربين من الضرائب ومانحي الرشاوى الكبيرة ومتعاطي الرشوة على المستوى الداخلي والخارجي في الحكومة، وعليه فربما تكون أول سمكة يتم قليها تكون من الحزب الحاكم في السلطة.

2. التركيز على الفساد الموجود في القطاع الخاص، حيث درجت العادة عندنا بأن الفساد بدأ وترعرع ونما ضمن القطاع العام، وخرج إلى النور من مشاكله، إلا أن الفساد في القطاع الخاص ليس أقل حجماً وأثراً، لذلك يجب مكافحته والقضاء عليه.

3. تبسيط وسائل العمل، وتحديد مهل إنجاز المعاملات. وذلك لأن هذا التبسيط يتصل بأمرين أساسيين يعول عليهما المواطن الأهمية الكبرى، وهما:

أ. تحقيق وتنفيذ معاملاته بأقل نفقة ممكنة.

ب. تحقيق وتنفيذ معاملاته بأسرع وبأقرب مكان ممكن، وبالتالي بأسرع وقت ممكن.

4. إجراء تنقلات دورية بين الموظفين (كلما أمكن ذلك) مما قد يعمل على تخفيض حالات الرشوة السائدة.

5. تشكيل لجان خاصة لوضع نظام متكامل لأداء الموظفين، تقوم بإجراء تفتيش دوري بين الدوائر والوزارات وإعداد التقارير الخاصة عن سير العمل.

6. وضع مصنف يتضمن تقسيم الوظائف العامة على وفق طبيعة مهامها إلى فئات ورتب تتطلب من شاغليها مؤهلات ومعارف من مستوى واحد (أي اعتماد معيار الكفاءة والخبرة فقط، واختيار الموظفين من ذوي المهنية والاختصاص).

7. تحديد سلسلة رواتب لكل فئة من الفئات الواردة في المصنف بعد إجراء دراسة مقارنة للوظائف المتشابهة في القطاعين العام والخاص.

8. إنشاء نظام رقابي فعّال مستقل مهمته الوحيدة هي في الإشراف المباشر على العمل، ومتابعة الممارسات التي تتم من قبل الوزراء والموظفين العاملين في كل وزارة ومؤسسة.

9. تفعيل دور منظمات المجتمع المدني في المساهمة بالحد من الفساد وبأشكاله المختلفة، حيث من الممكن لهذه المنظمات أن تلعب دوراً كبيراً في ترسيخ محبة الوطن وحكم القانون، وذلك لتشعبها في كل مفاصل المجتمع وفي كل القطاعات والفئات.. كما أن بإمكانها مراقبة نشاط الحكومة بكل مفصل تعمل فيه. ومن الممكن أن تشكل هذه المؤسسات حكومة ظل ضاغطة على الحكومة الفاعلة القائمة.

10. لا بديل عن زيادة دخل الموظف، وهذه الزيادة المتواصلة والمدروسة باستمرار، هي أكبر ضمانة للتقليل من حجم ومساحة الفساد القائم، حيث أنه عندما يشعر الموظف بأنه بدأ يأخذ حقه ونصيبه الحقيقي من موارد الدولة وثرواتها فإنه ينطلق من فوره لزيادة العمل والإنتاج، وعند ذلك تكون الدولة في موقع القوة المعنوية والمادية لفرض نظامها الإداري القانوني عليه ضمن مبادئ ونظم العمل ككل، مهما كانت الظروف والأحوال.

11. إصلاح أنظمة الحوافز القائمة في مؤسسات الدولة، حيث تكون معدلات الأجور في القطاع العام منخفضة في العديد من الدول، إلى الحد الذي لا يستطيع معه الموظف من إعالة أسرته دون العوز، إضافة إلى أن القطاع العام يفتقر إلى مقياس النجاح، فما يتقاضاه الموظف لا علاقة له بما ينتجه.

12. تفعيل إدارة الخدمات.. وضرورة أن يطال ذلك جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات. أي أن تعطى إدارات الخدمات ذات العلاقة بالجمهور الأولوية الأولى. والتفعيل هنا يقتضي أن يتناول أربع قضايا أساسية هي:

أ. هيكلية هذه الإدارات وبنيتها، وتحديد مهامها وصلاحياتها بحيث يُعاد تكوينها على أسس علمية ومسلمات معروفة، لعل من أبرزها ضرورة خلو هذه التنظيمات والهيكليات من الازدواجيات وتنازع الصلاحيات إيجاباً كان أم سلباً، وبالتالي ضياع المسؤولية، وهدر النفقات، وسوء تحديد المهام وتقادم شروط التعيين.

ب. العنصر البشري في هذه الإدارات بحيث يقع الاختيار دائماً على صاحب الجدارة والمهارة على قاعدة تكافؤ الفرص، والمؤهلات والتنافس والندية، والعمل على إيجاد حلول لمعالجة ظاهرة البطالة الحقيقية والبطالة المقنعة.

ج. أساليب العمل. وهنا ينبغي أن يعاد النظر في آليات وأساليب العمل القائمة لجهة تبسيطها، وخلوها من التعقيدات الإدارية والعملية، وجعلها أكثر مرونة وشفافيةً، مع تحديد أصول إنجاز المعاملات، لتصبح أكثر فاعلية وإنتاجية.

د. وسائل العمل من أدوات وتجهيزات وآلات ومعدات تعتبر من لزوميات أساليب العمل.

13. العمل على إيجاد السبل اللازمة للخروج من نفق الفساد، والأزمات السياسية الداخلية والخارجية. وأيضاً لا بد من التحرك الفاعل على مستوى إصلاح الدمار الهائل الحاصل في المنظومة القيمية، وأنماط التفكير، نتيجة تفشي ظاهرة الفساد، وما يرافقها من أمراض كالانتهازية والسلبية، واستبدال لغة التحاور المشوهة القائمة حالياً مع الذات والآخر، بأخرى حضارية قائمة على الاحترام المتبادل والمعرفة العلمية والابتعاد عن شخصنة الكلمة والموقف والعمل.

14. العمل بمبدأ الشفافية والوضوح الكامل في جميع مرافق ومؤسسات الدولة.

15. إشاعة المدركات الأخلاقية والدينية والثقافية والحضارية بين عموم المواطنين.

16. تفعيل الجهاز الإعلامي لما له من أثر كبير في الكشف عن عمليات الفساد الصغيرة والكبيرة، ودوره في توجيه الجماهير نحو محاربة الفساد والتعريف بمؤثراته وما ينجم عنه من أضرار.

17- تعزيز الاتفاقيات الدولية التي من شأنها أن تكافح الفساد العالمي والجريمة المنظمة، وإقامة التشريع الوطني بما ينسجم معها.

18- ضرورة قيام تحالفات دولية بين بعض الدول والدول المجاورة لها لمراقبة الفساد عبر الحدود الدولية وضبطه.

19- إقامة المؤتمرات وإعداد البحوث والدراسات بشكل مكثف لتسليط الضوء وبشكل واسع على الفساد وآثاره المختلفة، لغرض تطويقه ووضع الآليات المناسبة للحد منه.


وخلاصة القول:

إن مكافحة الفساد الإداري لا يمكن أن تتحقق من خلال حلول جزئية، بل ينبغي أن تكون حلوله شاملة وناجعة على المستوى البعيد، بحيث تتناول جميع مرتكزات الإدارة من بنيتها وهيكليتها، إلى العنصر البشري العامل فيها، إلى أساليب العمل السائدة فيها.

تاسعاً- خاتمة البحث

لا شك بأن الفسادَ –وبصرف النظر عن أنواعه ومواقعه وأوجهه المتعددة التي يمكن أن يتجلى بها في بنى المجتمع ومؤسسات الدولة- داءٌ ومرض اجتماعي وإنساني خطير للغاية، وهو يمكن أن يدمر أمماً وحضارات بأكملها إذا لم تتوافر له العلاجات الفكرية والسياسية والاقتصادية المناسبة.

ونحن عندما نطالب بوجوب المبادرة الفورية لعلاج مختلف أنواع الفساد المتفشي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية –والذي أصبح عملاً مقونناً، له رموزه ودعاته المدافعين عنه- فإننا نتطلع إلى ضرورة علاج مقدمات الفساد لا نتائجه فقط.. وألا يقتصر العلاج على الفساد الصغير والمفسدين الصغار، وإنما ضرورة أن تطال العملية الإصلاحية المطلوبة على هذا الصعيد الفساد الكبير قبل الصغير، فالقضاء على الفساد الصغير غير مجدٍ مع بقاء الفساد والمفسدين الكبار.

والعملية هنا تستوجب القضاء على كليهما، كما إن المسألة هي ليست المناداة بالقضاء على الفساد دون وضع الأسس العقلانية الممهدة فعلياً لعلاجه، وأنا هنا أشدد على أنه من الاستحالة بمكان سحق الفساد أو القضاء عليه قضاءً مبرماً كما يقال، ولذلك فالمطلوب هو أن تجري –بدايةً- عملية واقعية وذات نَفََس طويل الأمد للتقليل من حجم الفساد وتقليص رقعة تأثيراته السلبية على الفرد والمجتمع والدولة. أما أن نرفع الشعارات الواسعة والفضفاضة (الخارجة عن حدودنا وطاقاتنا وإمكاناتنا) لمكافحة الفساد والقضاء عليه، من دون أن نبادر عملياً لاتخاذ الإجراءات العملية والتنفيذية البسيطة المطلوبة فإن هذا العلاج المرفوع الحدي الإطلاقي لا يعدو أن يكون أكثر من تكريس لمعادلات الفساد القائمة.

لذلك ينبغي أولاً –وقبل أي شيء- الالتزام بمنظومة قيم وأخلاق إنسانية ودينية وقانونية في مجتمعاتنا، وهي أساساً موجودة ولكنها تحتاج إلى تفعيل على مستويات ثلاثة: فردية ومجتمعية ومؤسساتية (سياسية-اقتصادية)..

- فعلى الصعيد الفردي من المهم والحيوي إعادة التركيز على غرس الوازع الديني والسلوك الأخلاقي الذي هو عنوان الوطن المزدهر والمواطن الصالح.

- وعلى المستوى المجتمعي العام يجب اختيار القائد أو الرئيس الإداري والموظف المناسب في المكان المناسب، بناءً على صلاح المعتقد وسلامة المنهج والقيم الروحية والأخلاقية والفضيلة والأمانة والمؤهلات والخبرة والكفاءة والجدارة، بعيداً عن الأغراض والعواطف الشخصية والمحسوبية والعلاقات القرابية والزبائنية المشخصنة.

- وأما على صعيد المؤسسات والدولة فإننا نجد هنا أنه إن لم تجرِ فورياً معالجة متكاملة للإشكالية السياسية القائمة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية عموماً (إشكالية الحكم والديمقراطية والحريات العامة وإطلاق سراح المجتمع المدني)، سنبقى نلف وندور في حلقة مفرغة، ولن يحقق أي مشروع مكافحة فساد (أو إصلاح اقتصادي، أو إداري أو تطوير أو تحديث) جدواه وأهدافه المرجوة منه، بما ينسجم مع متطلبات تقدم وتنمية وتطور البلاد لمواجهتها التحديات والمخاطر المنتصبة أمامها والمحدقة بها، ولنستفيد من إنجازات التقدم والتطور الذي يشهده العالم المتشابك والمتداخل في علاقاته ومصالحه.

وإذا ما أردنا أن يكون لنا موقع ودور ومساهمة حضارية فاعلة ومنتجة في هذا العالم الكبير، فليس لنا من بديل إلا التحرك على هذا المسار الصعب والشائك، ولكن الممتلئ بالنتائج الإيجابية الباهرة على صعيد الفرد والمجتمع والدولة.


الكاتب والباحث / نبيل علي صالح



***
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تابع لمقدمة عن الفساد ( الجزء الثاني )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الفساد والفاسدين :: علم الإدارة والفساد الإداري والمالي ( التحايل على الأنظمة وأختلاس المال العام ) :: أسباب أنتشار الفساد الإداري والمالي وطرق علاجه-
انتقل الى: